لم تَعُد تقتصر الوسائل العلاجية للأمراض المختلفة على الأدوية والتدخلات الجراحية كما كانت من قبل، إذ أسهم التقدم التكنولوجي في تطوير مختلف التقنيات العلاجية بالمجال الطبي، وساعد الأطباء على علاج الأمراض في وقت قصير دون الحاجة إلى التدخل الجراحي.
ومن التقنيات الطبية التي اعتمد عليها الأطباء مؤخرًا تقنية العلاج بالتردد الحراري، والتي كثُر استخدامها في مجال علاج آلام المفاصل والظهر المزمنة.
كيف يتم العلاج بالتردد الحراري؟ في السطور التالية نتحدث عن دور تقنية التردد الحراري في تخليص المرضى من مختلف الآلام المزمنة.
تقنية التردد الحراري لعلاج آلام المفاصل والعظام والعمود الفقري
تشيع الإصابة بأمراض المفاصل بين كبار السن والشباب، وأشهرها: إصابات العمود الفقري مثل الانزلاق الغضروفي، وخشونة مفصل الركبة.
وتحتاج بعض درجات لانزلاق الغضروفي إلى التدخل الجراحي أو الخضوع لجلسات العلاج الطبيعي التي تستغرق فترة طويلة نسبيًا حتى تظهر نتائجها، ولا يختلف الأمر كثيرًا عند الحديث عن خشونة الركبة التي تحتاج إلى العلاج باستخدام الأدوية والكريم الموضعي وجلسات العلاج الطبيعي لأشهر طويلة.
ومن الصعب على المريض الذي يُعاني آلام المفاصل والظهر التعايش مع إصابته وممارسة أنشطته اليومية في ظل استمرار شعوره بالألم، ويُعَد التردد الحراري وسيلة مناسبة للسيطرة على هذا الألم، فكيف يعالج الطبيب مرضاه بواسطة تلك التقنية؟ دعونا نستعرض أهم المعلومات حول العلاج بالتردد الحراري فيما يلي من سطور.
ما هو العلاج بالتردد الحراري للانزلاق الغضروفي؟
الانزلاق الغضروفي القطني والعنقي من إصابات العمود الفقري الشائعة في العصر الحالي نظرًا لكثرة مُسبباتها، ولم تَعُد الإصابة به مقتصرةً على كبار السن كما كان الحال من قبل.
-
الأسباب الشائعة للانزلاق الغضروفي وسُبل علاجه التقليدية
عندما يزداد الضغط على غضاريف العمود الفقري -بسبب الجلوس فترات طويلة أو حمل أوزان ثقيلة- تنزلق الغضاريف عن موضعها الطبيعي باتجاه القناة الشوكية التي يمر بها الحبل الشوكي وجذور الأعصاب الطرفية، مسببة شعور المُصاب بآلام مبرحة.
ويُعد التدخل الجراحي في مكان حساس مثل الحبل الشوكي أمرًا شديد الخطورة، لذا لا يُجريه الأطباء إلا لحالات الإصابة المتطورة، ويكتفون بالعلاج الطبيعي أو التردد الحراري للتخلص من آلام الظهر الناتجة من الانزلاق.
-
دور التردد الحراري في التخلص من آلام الانزلاق الغضروفي
علاج التردد الحراري للانزلاق الغضروفي إجراء مساعد يهدف إلى تعطيل الإشارات العصبية التي تُرسلها الأعصاب المحيطة بمكان الإصابة إلى المخ، ما يمنع الشعور بالألم.
ويمكن علاج آلام الانزلاق الغضروفي بواسطة تقنية التردد الحراري عبر التوجه إلى أحد أطباء علاج الألم المتخصصين في استخدام وسائل الطب التجديدي، التي تشمل تقنية التردد الحراري كوسيلة أساسية في العلاج.
دور التردد الحراري في علاج آلام الأعصاب
جميع الإصابات والأمراض المرتبطة بالأعصاب مؤلمة، وكلما كان العصب المتضرر موجودًا في مكان حساس ودقيق، يُصبح الحل الأنسب اللجوء إلى تقنية آمنة ومناسبة لتسكين الآلام الناتجة من الإصابة، مثل التردد الحراري.
ومن أبرز إصابات الأعصاب التي يمكن التخلص من آلامها عبر تقنية التردد الحراري:
-
التهاب العصب الخامس.
-
الحزام الناري.
-
الصداع النصفي المزمن الناتج من التهاب السحايا أو وجود ورم بالمخ.
ما هو العلاج بالتردد الحراري لمُصابي التهاب العصب الخامس؟
يُصنف التهاب العصب الخامس ضمن أشد إصابات الأعصاب إيلامًا، التي يُشبهها المرضى بنوبات تُشبة الصواعق الكهربائية التي تضرب الوجه فتُصيبه بشلل عدة دقائق.
ويُصاب البعض بالتهاب العصب الخامس بسبب وقوع قوة ضغط على منشأ العصب، وقد يكون سبب ذلك الضغط وجود ورم حميد أو خبيث، كما قد يكون السبب تضخم أحد الشرايين وضغطها على العصب.
ونظرًا لارتفاع مخاطر التدخل الجراحي في تلك المنطقة الحساسة، لا يُفضل الأطباء اللجوء للجراحة وإزالة الضغط عن العصب إلا في حالات الضرورة القصوى، كوجود ورم في المخ، ويلجأون في غير ذلك من الحالات إلى محاولة تسكين الألم عبر تقنيات غير جراحية.
-
دور التردد الحراري في تسكين آلام التهاب العصب الخامس
يمكن تسكين آلام العصب الخامس باستخدام جهاز التردد الحراري من خلال جلسة قصيرة، يوجه خلالها الطبيب إبرة جهاز التردد الحراري نحو العصب المُصاب لإطلاق موجات كهرومغناطيسية، ومن ثمّ تعطيل الإشارات العصبية التي يُرسلها نحو المخ، والتي تُسبب الشعور بالألم.
ما هو العلاج بالتردد الحراري للتخلص من الصداع النصفي المزمن؟
الصداع عَرَض طبيعي ينتاب الجميع بين حين وآخر، إلا أن التعايش معه فترات طويلة أمر مرهق يُسبب حالة نفسية وعصبية سيئة، وقد يفقد البعض قدرتهم على عيش الحياة بطريقة طبيعية نتيجة استمرار الألم أيام متواصلة.
وقد يعاني المريض ألم الصداع في شق الدماغ الأيمن أو الأيسر مدة طويلة وانتشاره إلى الجبهة والوجنة، وهي حالة يطلق عليها “الصداع النصفي المزمن”، ولا يمكن السيطرة عليها -غالبًا- عبر تناول مسكنات الألم التقليدية.
وبالرغم مما سبق، لا تزال توجد فرصة للسيطرة على نوبات الصداع المزمن عن طريق الخضوع لجلسات التردد الحراري.
-
دور التردد الحراري في علاج الصداع النصفي المزمن
يمكن التخلص من آلام الصداع النصفي المزمن باستخدام الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من جهاز التردد الحراري التي تعمل على تخدير أعصاب الرأس والوجهة والوجنة لمنع الشعور بالألم.
وينبغي العلم أن التردد الحراى لعلاج الالم ليس وسيلة علاجية نهائية للتخلص من الصداع النصفي المزمن، إنما وسيلة مؤقتة مناسبة للحد من الشعور بالألم إلى حين اكتشاف السبب الرئيسي للإصابة وعلاجه.
ما هو العلاج بالتردد الحراري للحزام الناري؟
يُعد جديري الماء من أمراض الأطفال الشائعة التي يُسببها فيروس يصل إلى الجسم، فيتسبب في معاناة الطفل طفح جلدي وظهور بثور عديدة، وعادةً ما يتم تثبيط نشاط الفيروس عبر تناول الأدوية واستخدام الكريم الموضعي.
وبعد مرور سنوات بعد الخضوع للعلاج، قد يُصاب الجهاز المناعي بمشكلة ما تؤثر فيه، الأمر الذي قد يؤدي إلى نشاط فيروس الجديري مرة أخرى، مسببًا ظهور أعراض أكثر شراسة، مثل ظهور الحزام الناري، والشعور بآلام متفرقة في الجلد.
وعادةً ما يكون التعايش مع آلام الحزام الناري أمرًا صعبًا حتى يؤتي العلاج النتيجة المرجوة منه، فمن يستطيع تحمل ألم ملامسة أي شيء لجلد ملتهب بشدة؟ لذا يلجأ الأطباء إلى تقنية التردد الحراري لتسكين الآلام المصاحبة للحزام الناري.
استخدامات حديثة لتقنية التردد الحراري
منذ تم اكتشاف تقنية التردد الحراري وهي معروفة بدورها الفعال في تخليص المرضى من آلام الجسم المزمنة، ومؤخرًا بدأ إدراجها ضمن خطط علاج أمراض أخرى، مثل أورام الكبد.
اعتمد علاج أورام الكبد على التخلص من كتل الورم عبر استئصالها، ثم الخضوع لجلسات العلاج الكيماوي أو الإشعاعي فيما بعد، إلى أن مَكَّنت تقنية التردد الحراري الأطباء من التخلص من ورم الكبد الصغير دون الحاجة إلى التدخل الجراحي.
- ما هو العلاج بالتردد الحراري لمرضى أورام الكبد؟ وكيف يُجرى؟
من خلال فتحة صغيرة بالجلد يُدخل الطبيب إبرة جهاز التردد الحراري ويوجهها -مُسترشدًا بالأشعة التداخلية- نحو مكان الورم، ومن ثم يضبط الجهاز لإرسال مقدار مُحدد من الموجهات الحرارية نحو الورم لكيّه والتخلص منه.
ورغم جدوى تقنية التردد الحراري في علاج أورام الكبد، إلا أن إمكانية الخضوع لها مقتصرة على فئة محددة من المرضى، هم:
-
من لم يتجاوز حجم ورم الكبد لديهم عن 3 إلى 5 سم.
-
ألا يزيد عدد كتل الورم في الكبد عن كتلتين متفرقتين.
-
أن تكون الأورام في أماكن بعيدة عن القنوات المرارية كي لا تُصاب بالانسداد.
ومن المهم معرفة احتمالية وصول تأثير الأشعة الحرارية المنبعثة من جهاز التردد الحراري إلى خلايا الكبد السليمة لا خلايا الورم فقط، لذا ينبغي مراعاة الدقة عند توجيه أشعة الجهاز نحو مكان الورم، الأمر الذي يتطلب اللجوء إلى طبيب متخصص ومحترف.
إلىى هنا نكون قد وضحنا ما هو العلاج بالتردد الحراري لآلام المفاصل والعظام، و ما هو العلاج بالتردد الحراري للأعصاب، واستعرضنا دور تلك التقنية في علاج بعض أورام الكبد.
يمكنك معرفة مزيد من التفاصيل عن تلك التقنية الفعالة في علاج الألم من خلال قراءة المقالات الطبية المنشورة على مدونة موقع الدكتور أحمد فتحي. ويمكنكم حجز موعد عبر الاتصال بالأرقام المتاحة في موقعنا.
للمزيد عن العلاج بالتردد الحراري اقرأ أيضآ