منطقة العمود الفقري إحدى المناطق التي إذا أحس الشخص بألم بها فهو يؤدي مهام يومه بصعوبة كبيرة، وإنْ تقدّمت مرحلة المرض -الذي هو سبب الألم- فإنه يفقد القدرة على الحركة الطبيعية، ويصير حصوله على بضع ساعات من النوم الصحي المريح أمرًا أقرب إلى المستحيل بسبب زيادة شدة الآلام.
ومن أجل علاج الم العمود الفقري بفعالية، ومساعدة المرضى على العودة إلى نمط حياتهم المعتاد، أتاح الأطباء المختصون في عياداتهم خدمات علاجية عدة تهدف إلى تخفيف الألم عن طريق الجراحة أو دونها، بحسب ما تتطلبه الحالة.
أبرز اسباب الم العمود الفقري من الاعلى (منطقة الرقبة)
غالبًا ما تعود اسباب الم العمود الفقري من الاعلى (تحديدًا في منطقة العنق) إلى:
-
الإصابة بالانزلاق الغضروفي العنقي
الانزلاق الغضروفي العنقي مرض يُسبب تعرَُض أعصاب النخاع الشوكي وجذور الأعصاب الطرفية إلى الضغط نتيجة تحرّك أحد أجزاء الغضاريف الموجودة بين فقرات العنق السبع. (الغضروف: نسيج ليّن يقع بين كل فقرتين متتاليتين في العمود الفقري، ويتكون من غلاف خارجي يحيط بنواة مُكَوَّنةَ من مادة جيلاتينية وألياف الكولاجين).
-
الإجهاد
قد يشعر الأشخاص بألمٍ في منطقة العنق نتيجة إجهاد عضلات الرقبة عن طريق القيام بحركات تؤذي الفقرات العنقية، كثني الرقبة مدة طويلة في أثناء استخدام “الموبايل”، أو النوم على وسائد ذات ارتفاع غير ملائم، أو بمعنى أكثر وضوحًا: تكون الوسائد شديدة الارتفاع أو الانخفاض بالنسبة لمستوى الرقبة.
اسباب الم العمود الفقري من الاسفل والمنتصف
تتمثل اسباب الم العمود الفقري من الوسط (المنتصف) والأسفل في الانزلاق الغضروفي القطني، وهو انزلاق يُصيب الغضاريف الموجودة بين الفقرات القطنية الخمس التي تمتد من منتصف الظهر إلى أسفله -تقريبًا-.
وعادةً ما ينتشر ذلك الألم بدايةً من أسفل الظهر نهايةً بالساقين والقدمين، وتُسمى هذه الحالة حينئذ بعرق النسا.
وسائل علاج الم العمود الفقري من دون جراحة
يمكن علاج الم العمود الفقري -وليس المرض المسبب للألم- عبر خيارات علاج غير جراحية تشتمل على:
-
التردد الحراري
يستخدم الطبيب جهاز التردد الحراري بهدف تعطيل إشارات الألم -الصادرة من الأعصاب المضغوطة الملتهبة- عن الوصول إلى الدماغ، وهو الأمر الذي يُخفف الألم عن المريض بفعالية شديدة.
وتعتمد فكرة عَمَل ذلك الجهاز على إصدار نبضات حرارية عبر إبرة دقيقة يُوجهها الطبيب إلى موضع العصب المتضرر مستعينًا بالأشعة المرئية. ويضبط الطبيب درجة حرارة تلك النبضات وفقًا لحالة المريض، وتستمر فترة توجيهها من 3 إلى 5 دقائق.
-
حقن جذور الأعصاب (Nerve roots and epidural steroid injections)
يُطبق الطبيب تقنية حقن جذور الأعصاب على نحو 90-95% من إجمالي عدد المرضى المصابين بانزلاق غضروفي من الدرجة المتوسطة، أو بمعنى آخر الدرجة التي ليست بالطفيفة فيمكن أن تستجيب إلى العلاج الدوائي، ولا بالشديدة التي تتطلب تدخلًا جراحيًا.
وخلال تلك التقنية يحقن الطبيب -في موضع العصب المتضرر- مواد دوائية تعمل على تخفيف التورُّم والالتهاب اللذين يعتريان العصب والمنطقة المحيطة به. ويختار الطبيب مادة الحقن المناسبة تبعًا لحالات المرضى الصحية، فالمواد المُستخدمة لحقن جذور الأعصاب لدى مرضى الضغط المرتفع تختلف عن تلك المُستخدمة لمرضى السكري.
ملحوظة هامة: عادةً ما يجمع الطبيب بين تقنيتي التردد الحراري وحقن جذور الأعصاب في الوقت نفسه من أجل علاج الم العمود الفقري بأقصى فعالية.
-
التنبيه الكهربي للأعصاب
تهدف تقنية التنبيه الكهربي للأعصاب إلى علاج الم العمود الفقري عبر تمرير تيار كهربائي منخفض الشدة بواسطة أقطاب كهربية يُثبتها الطبيب على موضع الألم.
-
العلاج الدوائي
بالعلاج الدوائي تنخفض حدة ألم الظهر المصاحب للانزلاق الغضروفي، وتشمل خطة ذلك النوع من العلاج على استخدام المجموعات الدوائية الآتية:
- المسكنات التي تستهدف تعطيل عمل الأنزيمات المسببة للألم في الجسم، ومن أمثلتها: البارسيتامول (الأسيتامينوفين).
- الأدوية مزدوجة المفعول التي تعمل كمسكنات للألم ومضادات للالتهاب في الوقت نفسه، وتُعرف باسم: مضادات الالتهاب غير السيترويدية (NSAIDS).
- مضادات التورّم والالتهاب.
- الأدوية الباسطة للعضلات.
- مقويّات الأعصاب المحتوية على فيتامين (ب) المركب (Vitamin B complex) أو غيره.
- الكورتيزون (الستيرويدات) ومشتقاته، أو تلك التي تُحفز إفراز الكورتيزون الطبيعي داخل الجسم.
وينبغي التوضيح أن كل الأدوية المذكورة أعلاه يُحدد جرعاتها الطبيب المختص فقط، ولا يجب تناولها استجابةً لترشيحات الأصدقاء والأقارب، فبعضها يجب أن يؤخذ بحذر وعناية في حالات الإصابة بأمراض القلب أو داء السكري، وبعضها يتداخل تأثيره مع تأثير أدوية أخرى يتناولها المريض، ما يُعرضه لعدة آثار جانبية، لذلك وجب التحذير.
-
ممارسة الرياضة
إن المداومة على ممارسة التمارين الرياضية جزء هام من خطة علاج الم العمود الفقري المزمن من دون جراحات، لا سيما التمارين التي تستهدف تقوية عضلات البطن والظهر والرقبة.
إضافة لما سبق، ينصح الأطباء المرضى بالآتي من أجل علاج الم العمود الفقري:
- الخضوع لجلسات العلاج الطبيعي اليدوي -إذا سمحت حالة المريض وكانت درجة الانزلاق الغضروفي ملائمة لهذا النوع من العلاج-.
- ارتداء أحزمة الظهر أو الرقبة بحسب موقع الألم.
- النوم على مراتب صحية ليست شديدة الصلابة كسطح الأرض، ولا لينّة أو رخوة.
- الراحة.
علاج الم العمود الفقري جذريًا عبر الجراحة
عن طريق التدخل الجراحي يُمكِن علاج ألم الظهر الشديد الناتج من الانزلاق الغضروفي الشديد الذي يصيب المريض إثر تمزّق جدار الغضروف وخروج نواته، الأمر الذي يؤدى إلى تعرّض أعصاب النخاع الشوكي وجذور الأعصاب الطرفية إلى قوة ضغط كبيرة تسبب آلامًا يصعب التعايش معها، ويتعذر تحجيمها عبر الوسائل العلاجية غير الجراحية.
ويعتمد التدخل الجراحي في ذلك الحال على استئصال الغضاريف المنزلقة التي تُشكل الضغط على الأعصاب عبر تقنيات التدخل المحدود، مثل: الميكروسكوب الجراحي أو المناظير، وغير ذلك من الأدوات الجراحية المتطورة مثل: أجهزة تبخير العضروف وشفطه أو كيّه.
اقرا ايضا عن :